
لقد أخطأ من قال( أن لا غياب بلا سبب ) . اليوم وعلى غير موعد يترجل رجل المواقف الصعبة، البطل الشامخ والمناضل الصادق والأستاذ الناصح والأب الحنون ، الذي لا يعرف للعاطفة ولا للمجالة طريقا في ما يتعلق بالقضايا المصيرية العادلة والمشروعة ، هكذا عرفناك وهكذا عرفك المستضعفون، قبل ان يعرفك الوطن و المنابر والأقلام و الأوراق والجدران الإفتراضية ، يترجل بركات إلى غير رجعة وبدون أن نشعر ، نعم هكذا بلغنى وهكذا هي الحقيقة، حقيقة الموت المرة التى تأخذ دوما الأخيار قبل غيرهم ، تلك الحقيقة المحتومة، كم هو مؤلم أن ترى الحقيقة واضحة أمام عينيك والقلب يرفض تصديقها. بركات لقد أسرعت هذه المرة على غير عادتك ، عهدناك كيسا،صبورا أمام الإنتقادات الجارفة ، متريثا وسطيا ، معتدلا أمام دعوات الصدام ، عنيدا وقويا امام محاولات الشيطنة والمغالطة والتزييف ، صارخا في وجه الطغاة ، مسالما في نضالك الداعى إلى المساواة، متجاوزا حملات الشيطنة المسلطة على كل التنويريين، والمدافعين عن حقوق المهمشين وخاصة لحراطين الذين لم ترض لهم يوما الذل و لا الهوان ولا العيش في مؤخرة المؤخرة. هكذا كانت نظرة المرحوم وهكذا أراد لنا أن نكون تركت الوطن يعيش حالة إنتظار وترقب سيلبس ثوب الحزن والحداد لا محالة ، لكن لا بأس لن ننساك ابدا ما حيينا ستظل أفكارك المصبابيح التي تنير لنا طريق النضال الحالك والمحاط بالمخاطر والإغراءات. أسرعت لأنك تأبى الظلم والجبروت ،وتنشد العدالة والمواساة و تعشق الحرية أسرعت إلى حلمك الكبير، حيث العدالة المطلقة و الرحمة الواسعة ، والغفور الرحيم. إنما ما علينا ونحن نعيش صدمة فقدان المرحوم في هذه الليلة المباركة ، أن نظل على المسار الذي رسم لنا بأفكاره النيرةوصوته الثائر، وننهل من حكمته وقوته وصلابته، ولا نتراجع قيد أنملة عن حقوق المقصيين والمهمشين. رحم الله الفقيد ، وأسكنه فسيح جناته.